دفاعًا عن سياسة ضبط النفس في زمن اللايقين الاستراتيجي

 

في زمن اللايقين الإستراتيجي، من الواقعية أن تكون السياسة الخارجية للدولة أكثر كبحًا وتحوّطًا وتماشيًا مع المعايير الدولية

 

 

جلال خَشِّيبْ

 

ملاحظة: نُشِرت نسخة مختصرة للمقال لأول مرّة باللغة الانجليزية في موقع “عين الشرق الأوسط” )Middle East Eye( في 9 يوليو/تموز 2023

 

محتويات المقال:

        i.            إضعافٌ تدريجي للسُمعة الأخلاقية

      ii.            سياسةٌ حازمة وتراجعٌ نسبي لضبط النفس

    iii.            الحاجة إلى كبحٍ أكثر وتحوّطٍ في زمن اللايقين الإستراتيجي

 كثيرًا ما تمّ وصف السياسة الخارجية الجزائرية بـ “السياسة الواقعية-العقلانية” من طرف مراقبين جزائريّين، خاصّةً في عقد ما سُميّ “بالربيع العربي”. سياسةٌ مكّنتها من تجاوز الاضطراب المرافق لهذا العقد والإبقاء على الدولة قائمةً بمؤسّساتها في وقتٍ تعرّضت فيه كثيرٌ من دول الجوار للفوضى أو الانهيار. تَعزّز هذا الانطباع عن “واقعية الدولة الجزائرية” مع مهارة الدبلوماسية الجزائرية في المحافظة على مسافةٍ واحدةٍ نسبيًا بين اللاعبين الإقليميّين المتضاربين (تركيا، قطر، السعودية، الإمارات، مصر) طيلة عقد الاستقطاب الإقليمي المُرافق “لثورات الربيع العربي”، وبين اللاعبين الدوليّين الكبار (الولايات المتحدة، الإتحاد الأوروبي، روسيا، الصين) منذ أن بدأت ملامح الانقسام الدولي تلوح في الأفق قبل عقدٍ من الزمن تقريبًا، إذ ظلّت الجزائر تحظى بعلاقات جيدّةٍ مع هذه الأطراف طيلة هذه الفترة، بل وحتّى في ذروة الانقسام الدولي الحالي مع الحرب الأوكرانية الجارية لم تُعلن الجزائر انحيازها مع معسكرٍ ضدّ آخر، بل وعرضت مبادرةً للقيام بدور الوسيط بين المتنازعيْن.

إشادةً بـ ‘السياسة الواقعية الجزائرية” قد يُنوّه البعض أيضًا إلى المكاسب الإقليمية النسبية التّي تُحقّقها الجزائر منذ عامين في جوارها مع عودةٍ نشطةٍ لسياستها الخارجية وعزمها على ممارسة دورٍ إقليميٍ فاعل وملئ الفراغ الذّي خلّفه غيابها عن المنطقة واستثمرت فيه قوى أخرى في الفترة الممتدّة ما بين مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة سنة 2013 ووصول الرئيس الحالي عبد المجيد تبّون إلى السلطة في البلاد سنة 2019.

 

غير أنّ النبرة الحادّة التّي ميّزت هذه العودة الملحوظة جعلت البلاد في حالة توتّرٍ عالٍ مع بعض الجيران. كما أنّ بعض سلوكيات السياسة الخارجية مؤخرًا، كزيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون في شهر يونيو الحالي لروسيا وإلقائه لخطابٍ مليء بالتحدّي وكذا إبرامه لحزمةٍ من الصفقات الاقتصادية والعسكرية مع موسكو أثناء ذروة الأزمة الدولية القائمة بين روسيا والغرب، جعلت كثيرًا من المراقبين يتساءلون عن الأسباب الكامنة رواء تبنّي الجزائر، على غير العادة، سياسةً خارجيةً حازمة، وهل تتجّه الجزائر لتبنّي مقاربةٍ جديدةٍ في سياستها الخارجية قائمة على “الصرامة والهجومية” خلافًا لما كان مألوفًا عنها سابقًا من “التروّي والسياسة الواقعية الدفاعية” الأكثر ضبطًا للنفس.

 

يُحاججُ هذا المقال بأنّ تبنّي الجزائر لمثل هذه المقاربة الجديدة في سياستها الخارجية من شأنه أن يُحدث قطيعةً سلبية مع “سياستها الواقعية الحكيمة”، كما يتسبّب اعتمادُ سياسةٍ خارجية مُفرطةٍ في الحسابات العقلانية وأقلّ كبحًا في إحداث “تآكلٍ نسبيٍ في السمعة الأخلاقية” لصورة البلد. والأهمّ أنّ مقاربةً كهذه قد تودّي إلى انزلاقٍ تدريجيٍ للدولة نحو تبنّي سياسةٍ خارجيةٍ أكثر حماسةً وتهوّرًا وأقلّ حيطةً وضبطًا للنفس في بيئةٍ دوليةٍ وإقليميةٍ خطيرة تزداد استقطابًا ولا يقينًا من الناحية الأمنية والإستراتيجية. يُدافع المقال، في المقابل، عن أولوية تبنّي سياسةٍ خارجيةً أكثر كبحًا وضبطًا للنفس، وإستراتيجية قائمة على التوازن الحذر والحِيطة (Hedging Strategy and Caution Balancing)، لاسيما في بيئةٍ دوليةٍ أمنيةٍ خطرة تميّزها الفوضى واللايقين الإستراتيجي.

كيف حدث ذلك وما الذّي يجب فعله؟

 

إضعافٌ تدريجي للسُمعة الأخلاقية:

في شهر نوفمبر الماضي، استضافت الجزائر القمة العربية الواحدة والثلاثين، وقد تمّ تأجيل القمّة لأسباب عديدةٍ إحداها حدّة الانقسامات القائمة في “الصفّ العربي” حول ملّفاتٍ عديدةٍ، كان أبرزها الملف السوري، حيث ظلّت دولٌ عربيةٌ رافضةٌ لرفع تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية مادام نظام الأسد قائمًا يحكم البلاد، في حين ظلّت الجزائر مُتمسكّةً بمقاربتها التقليدية القائمة على التعامل مع النظم السياسية الموجودة بحكم الأمر الواقع باعتبارها “الممثّل الشرعي” في الدول التّي تشهد حروبًا أهلية، مع عملها بالتوازي على ممارسة دور الوساطة البنّاءة بين الأطراف المتنازعة داخل هذه الدول كما يحدث في سوريا منذ سنة 2012.

 

وفي الوقت الذّي لا يزال ينظر فيه الجمهور المؤيّد “للثورات العربية” إلى موقف الجزائر من النظام السوري خصوصًا و”ثورات الربيع العربي” عمومًا باعتباره موقفًا “لا يليق بتاريخ الجزائر الثوري”، بدا للجزائر بأنّ الوقت صار مناسبًا لتسوية الملف السوري وعودة سوريا إلى الجامعة العربية وإيجاد صيغةٍ توافقيةٍ إقليميةٍ تُعبّد الطريق أمام الفرقاء المحليّين السوريّين لتجاوز هذه المأساة. انتهت الجهود الجزائرية في هذا الصدد قبل أن تبدأ القمّة حينما صمّمت الدول الرافضة لنظام الأسد على مقاطعة قمّة الجزائر إذا كان الأسد جزءًا منها. جعلت هذه الضغوط الأسد يتراجع ويُعلن عدم مشاركته في القمّة “رافعًا الحرج” عن الجزائر حتّى لا يكون سببًا في عرقلة مساعي الأخيرة في جمع العرب لمناقشة ملفاتٍ أخرى مهمّةٍ بالنسبة للجزائر وأمنها القومي، على رأسها الملف الليبي مع الحرب الدائرة في جوارها الشرقي، ملف الصحراء الغربية، المخاوف الأمنية للجزائر بعد إبرام المغرب الأقصى لصفقةٍ مع “إسرائيل” برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعترف بموجبها واشنطن “بمغربية الصحراء” في مقابل تطبيع المغرب الأقصى لعلاقاته الدبلوماسية مع “إسرائيل”، وهو ما رأته الجزائر محاولةً من الرباط للاستقواء بقوى أجنبية وفرض الأمر الواقع لإنهاء قضية الصحراء الغربية بوسائل غير دبلوماسية بعيدًا عن المؤسّسات الدولية والإقليمية. إضافةً إلى ملف القضية الفلسطينية التّي تضعها الجزائر دومًا على رأس الأولويات.

 

وإذا كانت العناية الجزائرية بالقضية الفلسطينية منذ سبعينيات القرن المنصرم قد أكسبت الجزائر سمعةً أخلاقيةً واسعةً في محيطيْها العربي والإفريقي وعزّزت من شرعية خطاباتها السياسية المعيارية في المؤسّسات الإقليمية والدولية عن مناهضة الكولونيالية وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها وتسوية النزعات بالوسائل السلمية وغيرها من المبادئ الكبرى التّي ارتكزت عليها سياستها الخارجية تقليديًا منذ الاستقلال، فإنّ موقفها المُتوجّس ممّا سُميّ بــ “ثورات الربيع العربي” والتزامها الحياد من الأزمة السورية منذ انفجارها تسبّب في تراجعٍ نسبيٍ لهذه السمعة الأخلاقية لدى جمهورٍ لا بأس به من الرأي العام العربي وصنّاعه، جاعلاً سياستها تبدو أقلّ أخلاقيةً ممّا تحاول إظهاره عبر خطاباتها السياسية المستندة إلى إرثها التاريخي الحافل، كما جعلها تبدو أكثر ذرائعيةً وأقرب لمواقف نظام الأسد، خاصّةً وأنّها تتشارك معه نسبيًا رؤيته لهذه “الثورات”. كما أنّ العلاقات الجيّدة التّي تحظى بها الجزائر مع حلفاء نظام الأسد الأساسيّيْن، روسيا وإيران، ساهمت في تعزيز هذا الانطباع، خاصّةً وأنّ جمهورًا لا بأس به من الرأي العام العربي والدولي يعتبرانهما فاعليّن أساسيّيْن في تعميق مأساة الشعب السوري. لذلك كثيرًا ما تمّ تصنيف الجزائر من طرف قنواتٍ إعلاميةٍ عربيةٍ مؤثّرة -مناهضة لنظام الأسد- في خانة المساندين له و”القامعين لتحرّر الشعوب العربية من الدكتاتوريات”، وهذا بُغية ممارسة ضغطٍ أكبر على الجزائر لإدانة النظام، وتغيير ما تراه الجزائر موقفًا حياديًا لها من الأزمة السورية.

ما زاد من الإضرار بالصورة الأخلاقية للجزائر خلال السنوات الأخيرة هو الدعم الأمريكي الواضح لـ “ثورات الربيع العربي”، خاصّة عند بدايتها، والتّي تنظر لها الجزائر بعين الريبة، فقد جاء هذا الدعم في سياق مسعى الإدارة الأمريكية زمن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في ترويج الديمقراطية عبر العالم وجعل الديمقراطية-الليبرالية مركزًا لسياستها الخارجية، وهو الأمر الذّي يجعلها تبعًا لذلك تُصوّر العالم وتنافسَ القوى العظمى الجاري فيه على أنّه صراعٌ إيديولوجيٌ بين “الديمقراطيات والدكتاتوريات”. بالطبع فإنّ بعض أصدقاء الجزائر التاريخيّين، كإيران وسوريا وفنزويلا وكوبا، وبعض القوى الكبرى التّي تحظى معها الجزائر بعلاقاتٍ إستراتيجيةٍ كروسيا والصين، يصطّف في نظر الولايات المتحدة في “معسكر الديكتاتوريات” أو “الدول المارقة” الساعية لتغيير الوضع القائم في النظام الدولي الليبرالي الذّي تقوده واشنطن وحلفاؤها منذ أكثر من سبعين عامًا. تستمر هذه الرؤية الإيديولوجية مهيمنةً على إدارة بايدن الحالية، مع تبنّيها أجندةً ذات نزعةٍ أُمميّةٍ ليبرالية (Liberal Internationalism) تقودها إلى ممارسة ضغوطٍ على “الأنظمة غير الديمقراطية”، وتغييرها إن أمكن، كما تلتزم إدارة بايدن بهذه الرؤية الإيديولوجية في تقسيم العالم إلى “ديمقراطياتٍ راسخة في مواجهة ديكتاتورياتٍ صاعدة” وتُوظّفها جيوبولتيكيًا في إطار المنافسة الإستراتيجية الجارية بين الولايات المتحدة والصين من جهة، والولايات المتحدة وروسيا من جهة أخرى، لاسيما بعد انفجار الحرب في أوكرانيا وبلوغ الاستقطاب الدولي الإيديولوجي ذروته.

 

من شأن ذلك كلّه أن يضع الجزائر في المستقبل المنظور تحت ضغوطٍ دوليةٍ وإقليميةٍ إضافيةٍ تُعرقل مسعاها للعودة من جديد كدولةٍ فاعلةٍ مؤثّرةٍ في الجوار، كما قد يحول دون نجاحها النسبي في مواصلة تبنّي “إستراتيجية الحِيطة” و”التوازن الحذر” على المستوى الدولي، فيجعلها تبدو طرفًا ميّالاً “لمعسكر الديكتاتوريات” ذاتُ “سياسةٍ خارجيةٍ حادّةٍ” بعيدة عن “القيم الأخلاقية الديمقراطية”.

 

سياسةٌ حازمة وتراجعٌ نسبي لضبط النفس:

منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون للحكم شهر نوفمبر 2019, تصاعد التوتّر بين الجزائر وجارها المغرب الأقصى حول قضية الصحراء الغربية العالقة، لاسيما بعد أزمة الكركرات شهر نوفمبر 2020 وعقد النظام المغربي لاتفاقية التطبيع مع “إسرائيل” برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب شهر ديسمبر 2020، وبالتالي عزم الرباط على تسوية ملّف الصحراء الغربية بالقوة. بلغ التوتّر حدّ إعلان الجزائر قرار قطعها للعلاقات الدبلوماسية مع الرباط شهر أغسطس 2021. إضافةً إلى العلاقات المقطوعة مع المغرب الأقصى، فقد تصاعد التوتّر بين الجزائر والدول العربية الداعمة لحفتر في ليبيا، على رأسها مصر والإمارات العربية بسبب ما تراه الجزائر عرقلةً من هذه الدول للجهود الدبلوماسية التّي تبدلها الجزائر لحل الأزمة الليبية في جوارها الشرقي، وهذا ما عكسته مقولةٌ كرّرها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون حينما أوضح علنًا بأنّ «طرابلس خطّ أحمر» بالنسبة للجزائر، وهو ما جعل الجزائر تبدو بأنّها تتخلّى صراحةً وبشكلٍ غير مسبوقٍ عن سياسة المسافة الواحدة تجاه الفرقاء الليبيّين، والأهّم التخلّي عن “الدبلوماسية الصامتة” التّي تعمل بصبر في الأروقة المُغلقة، والاتجاه بدلاً عن ذلك نحو “دبلوماسيةٍ أعلى صوتًا وأكثر تحدّي”، ممارسةٍ لضغطٍ علنيٍ أكبر على هذه الدول.

لم تقتصر السياسة الحازمة للجزائر مؤخّرًا على جوارها العربي، بل طالت أيضًا كلاًّ من فرنسا وإسبانيا على الضفّة الشمالية للمتوسّط. فقد عرفت العلاقات الجزائرية-الفرنسية خلال العامين الماضين توتّراتٍ واضحة، لاسيما مع إلحاح الجزائر على تسوية قضية الذاكرة التاريخية ودفع فرنسا للاعتراف بجرائمها التاريخية في الجزائر خلال الحقبة الكولونيالية، كما اتّجهت الجزائر لأول مرّة لتبنّي اللغة الإنجليزية رسميًا في المدارس التعليمية والجامعات كلغةٍ أجنبيةٍ أولى بدلاً عن اللغة الفرنسية، وهو ما قد يُنظر إليه على أنّه تحجيمٌ مقصودٌ وعلنيٌ من الجزائر للنفوذ الثقافي التقليدي لفرنسا هناك، وهي التّي تعرف أصلاً تراجعًا لنفوذها الاقتصادي والسياسي في الجزائر وإفريقيا عمومًا لصالح قوى أخرى كالصين وروسيا وتركيا وإيطاليا. صاحبَ هذه التوتّرات تجميدُ الجزائر لعددٍ من المشاريع الاقتصادية والطاقوية مع باريس بهدف ثنيها عن التدخّل السلبي في ملّفات داخليةٍ وإقليميةٍ ضدّ مصالح الجزائر، لاسيما في قضية الصحراء الغربية وملفّات الساحل الإفريقي في تشاد ومالي وغيرها، والاتجاه بدلاً من ذلك إلى منح أفضليةٍ تجارية-اقتصادية لشركاء آخرين مثل إيطاليا وتركيا.

 

أخيرًا، جاءت أزمة الغاز مع إسبانيا لتعكس إصرارًا جزائريًا غير مسبوقٍ على التعامل بصرامةٍ مع كلّ الدول المجاورة التّي تتبنّى سياساتٍ من شأنها تقويض الأمن القومي والمصالح القومية للجزائر. ففي شهر أكتوبر 2021 وبسبب تصاعد التوتّر مع الرباط، قرّرت الجزائر عدم تجديد عقد استغلال خطّ أنابيب الغاز المعروف باسم “خطّ المغرب العربي-أوروبا” الذّي يُزوّد إسبانيا ويمّر عبر أراضي المغرب الأقصى فيحصد منه الأخير مكاسبًا طاقويّةً وماديّةً مهمّة، وذلك بسبب “الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية” -على حدّ تعبير الرئاسة الجزائرية– ذات الصلّة بقضية الصحراء الغربية والتطبيع مع “إسرائيل”. بدلاً عن هذا الخطّ قرّرت الجزائر تفعيل «خطّ ميد غاز» البحري لنقل الغاز إلى إسبانيا، ومنها نحو أوروبا. في شهر أبريل 2022، هدّدت الجزائر بوقف إمدادات الغاز المتوجّهة منها نحو إسبانيا بسبب ما اعتبرته الجزائر إخلال إسبانيا ببنود الاتفّاق المُبرم حديثًا والقاضي بتعهد إسبانيا عدم توجيه أيّ كميّة من الغاز الجزائري نحو المغرب الأقصى، كما جاء القرار أيضًا بسبب إعلان مدريد دعمها للموقف المغربي من الصحراء الغربية.

 

جاء قرار الجزائر الحازم تجاه إسبانيا في توقيتٍ حسّاسٍ تعيش فيه إسبانيا وأوروبا عمومًا أزمةَ طاقةٍ حادّةً بسبب الحرب في أوكرانيا، الأمر الذّي جعل البعض يُصوّر الجزائر بأنّها تستخدم، على غرار روسيا، ورقة الغاز لابتزاز “السياسات الأوروبية المستقلة”، مثلما بدا ذلك في مقالٍ حديثٍ بمجلّة “البقاء” (Survival) لكلٍّ من فريد لاوسن وماتيو ليغرينزي. طبعًا يخدم الاستعداد العسكري الدائم للجزائر تجاه الأزمات الدولية والإقليمية حُجج هؤلاء، حتّى أنّ لوبي ضاغط تشكّل داخل الكونغرس الأمريكي بقيادة عضو الكونغرس الجمهورية ليزا ماكلين دعا الإدارة الأمريكية لفرض عقوباتٍ على الجزائر بسبب صفقات أسلحةٍ ثقيلةٍ أبرمتها الأخيرة مع روسيا.

 

من غير الموضوعي بالطبع قراءة السلوك الجزائري الحازم أو صفقات التسلّح الثقيلة مع روسيا في سياقاتٍ انتقائية كهذه أو بمعزلٍ عن تنامي شعور التهديد الذّي ينتابُ الجزائر خلال السنوات الأخيرة بسبب الاضطرابات الإقليمية والدولية المتزايدة حولها، والتّي تجعلها دومًا في حالة تأهّبٍ عسكريٍ عملاً بالحكمة الواقعية التقليدية «إذا كنتَ تريد السلم فعليك أن تكون مستعدًا للحرب». إلاّ أنّ استمرار الجزائر في الانزلاق التدريجي نحو سياسةٍ تصعيديةٍ أقلّ كبحًا وضبطًا للنفس لن يُمكّن -في نظرنا- الدولة من التحرّك إقليميًا ودوليًا على نحوٍ مريح، وسيجعلها دومًا عُرضةً لضغوطاتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ إضافيةٍ هي في غنى عنها، خاصّةً وأنّها بحاجةٍ مُلحّةٍ لتوجيه جهودٍ أكبر نحو تعزيز “جبهتها الداخلية” ومعالجة مشكلات الاقتصاد وتحدّيات التنمية المحليّة التّي تبقى عائقًا أمام أيّ محاولةٍ للعب الجزائر دورًا إقليميًا فاعلاً ومؤثّرًا مثلما تريد، فـ «السياسة الخارجية الفاعلة تبدأ دومًا من الداخل»، مثلما يقول الأمريكيّون.

 

الحاجة إلى كبحٍ أكثر وتحوّطٍ في زمن اللايقين الإستراتيجي:

يعني الكبح وضبط النفس” في السياسة الخارجية (Restraint Policy)، ببساطة، قدرة الدولة على إظهار تحكّم أكبر في خطاباتها وسلوكاتها الخارجية، وتوجيهها على نحوٍ واقعي وعقلاني محسوب متوافق مع مواردها الفعلية، لا الكامنة، ومصالحها الحقيقية، لا المتوهمّة أو التطلعيّة، خاصّة في مراحل الأزمات. وهي سياسةٌ أقرب لتيار الواقعية الدفاعية في مبادئها ومضمونها. قد لا يضمن الكبح، «السلام أو الازدهار (للدولة المعنيّة أو العالم) أو يُجنّب صنّاع السياسات الحاجة إلى اتخاذ خيارات صعبة، إلاّ أنّ من شأنه أن يُجنِّب الوقوع في الأخطاء التّي تُقوّض مكانة الدولة ويُحرِّر الموارد الضرورية للاستثمار بعيد الأمد في مستقبلها»، على حدّ تعبير ستيفن وولت.

 

أمّا سياسة التحوّط أو الحِيطة” فتشير، وفقًا للباحث والعسكري جيونغ سيوك لي (Jeongseok Lee)، إلى «طريقة من التنويع في الإستراتيجية المُتّبعة من طرف الدول الصغرى والمتوسّطة تحضيرًا لمستقبلٍ غامض، فالقرارات الاستراتيجية التّي تتسّم بكونها محدّدةً جدًّا يمكن لها أن تُعرٍّض مستقبل الدولة للخطر. فإذا تطوّرت وضعية تحوّل القوة باتجاه منحى قابلٍ للتنبؤ بشكلٍ كامل، فإنّ اختيار الاستجابة المناسبة من شأنه أن يكون أمرًا فعّالاً بجدّ، لكن إذا لم يتّم ذلك بناءً على خيارٍ واحدٍ وحسب، فمن شأن ذلك أن يكون أمرًا قاتلاً بالنسبة للدول الثانوية الواقعة تحت النفوذ الشديد لسياسات القوة الكبرى. لمثل هذه الأسباب، فإنّ القوى الصغرى -والمتوسّطة- يمكن أن تتبنّى مجموعةً من الخيارات المتعدّدة كالتوازن، الانضمام والمشاركة.. إلخ. بهذا المعنى فإنّ الحِيطة تُعبّر عن خليطٍ من الخيارات أكثر من كونها خيارًا حصريًا واحدًا بعينه.» للأستاذ تشينغ-شوي كويك Cheng-Chwee Kuik طرحٌ أكثر دقّةً وتفصيلاً فيما يخصّ استراتيجية الحِيطة والاحتياط التّي يستخدمها كثير من باحثي جنوب شرق آسيا في توصيف نمط استجابة تلك الدول للصعود الصيني باعتباره خيارًا يضع الدولة في “مكانة وسط” بين التوازن ضدّ الصين والانضمام. فالأستاذ كويك يرى أنّ هذه الدلالة التّي يُعرَّف بها خيار الحيطة دلالةٌ ضيّقةٌ جدّا، فلا تُعّد الحيطة مجرد خيار “مكانة وسط” بالنسبة له، بل هو: “موقف معاكس”، فالحِيطة هو توصيفٌ تسعى الدولة من خلاله إلى حماية مصالحها من خلال متابعة حزمة من الخيارات المتناقضة، تسمح لها بتعظيم أرباحها من القوة الكبرى على الأمد القصير، في الوقت الذّي يحاول الجميع مواجهة المخاطر أو التقليل منها على الأمد البعيد، والتّي يمكن لها أن تتصاعد في أسوء السيناريوهات إمكانًا للحدوث.” ويرى كويك أنّ خيار الحيطة يستتبع عادةً مجموعتيْن من أدوات المواجهة المتبادلة والتّي يمكن أن تُسمى بخيارات “تعظيم العوائد” و”إحتمالية المخاطر الطارئة”. إذ تشير الأولى، إلى السياسات الهادفة إلى تعظيم الأرباح الاقتصادية والدبلوماسية وأهداف السياسة الخارجية عبر إرساء علاقاتٍ إيجابيةٍ مع القوة الصاعدة. أمّا الأخيرة، فتشير إلى نمطٍ من التدابير الاحتياطية التّي تهدف إلى الاستعداد لحالات الطوارئ. بالتالي، يمكن للطرف المتبنِّي لهذه السياسات في نفس الوقت أن يجعل آثارهما تتوازن وتُلغي بعضها البعض في أملٍ منه لتجنّب خطر وضعِ “كلّ بيضه في سلّة واحدة” كما يقول المثل الشائع، حينما تكون اتّجاهات التغيّرات البنيوية على مستوى النظام بعيدةً عن اليقين. باختصار، فإنّ هذه السياسات تسعى في العادة إلى تقليص حدّة المخاطر والخسائر في حالة ما إذا انحرفت الأمور إلى الأسوء. هكذا، فإنّ إستراتيجية الحيطة، هي إستراتيجية تعمل لأجل تحقيق الأفضل والاستعداد للأسوء. مختصر ما يريد كويك توضيحه بدقة، هو أنّ السياسة التّي ترتكز على مجرّد تعظيم المكاسب والعائدات من دون الاستعداد للمخاطر المحتملة –والعكس صحيح- لا ينبغي أن يُنظر إليها باعتبارها إستراتيجية حيطة وإحتياط، وهو ما يحيد بها في نظرنا عن وصف كونها سياسةً واقعية.

يُمكن لأيّ ملاحظ لسياسة الجزائر الخارجية خلال السنوات الثلاث الماضية أن يستنتج المسلّمات “الواقعية الدفاعية” بسهولة التّي تنطلق منها هذه السياسة، فقد تبنّت الجزائر منذ الاستقلال سياسةً واقعيةً دفاعيةً بامتياز، تقوم على ضبط النفس، مكتفية بما لديها، متماشيةً مع المبادئ الدولية ومنفتحة على الجميع. غير أنّ الوضع الإقليمي والدولي الذّي وجدت فيه الجزائر نفسها بعد حراك 2019 جعلها أقلّ ضبطًا للنفس في سياستها الخارجية. ربّما قد تستلزم مهمّة استعادة الجزائر لدورها الإقليمي الفعّال ضرورة اعتماد مقاربةٍ براغماتيةٍ مُفرطة في الحسابات العقلانية ومتحرّرة من المبادئ نسبيًا، كما قد يتطلّب استعداد البلد لمواجهة التحدّيات الفوضوية الدولية القادمة تبنّي سياسةٍ هجوميةٍ ما، أو التخلّي عن التحوّط الحذر والميل نحو كتلةٍ دوليةٍ ما على حساب أخرى انتهازًا لفرصة ما، إلاّ أنّ الواقعية لا تعني دومًا أن تكون الدولة أقلّ كبحًا أو أقلّ حذرًا وتحوّطًا أو أكثر تحرّرًا من القيم والمبادئ، فمن الواقعية السياسية في زمن الاستقطابات الدولية والإقليمية أن تكون السياسة الخارجية للدول المتوسّطة والصغرى أكثر كبحًا وتحوّطًا وتماشيًا مع الأخلاق والمعايير الدولية. سيكون على الجزائر أن تنتبه لهذه المسألة في سعيها للبقاء وتحييد الضغوط الدولية ما أمكن وإيجاد حلولٍ للملفات الاستراتيجية العالقة المرتبطة بأمنها القومي.

 

على الجزائر ألاّ تتجاهل السياق الدولي الراهن الذّي يزداد اضطرابًا مع تنامي الاستقطاب الدولي بين روسيا والولايات المتحدة على إثر الحرب الأوكرانية، والتّي جعلت أوروبا على مشارف أزمةٍ طاقويةٍ حادّة لم تشهد لها مثيلاً منذ سقوط الإتحاد السوفياتي. قد تنظر أوروبا للجزائر -القريبة جغرافيًا- باعتبارها سندًا طاقويًا لها في هذه الأزمة، ممّا يجعل الجزائر في موضعٍ أصعب بين الضغوط الغربية-الأمريكية والصداقة الإستراتيجية التاريخية مع موسكو. لذا فإنّ الكبح والتحوّط والتوازن الحذر هو أنسب مقاربةٍ هنا.

 

إنّ الهدف الأساسي الذّي تسعى إليه السياسة الخارجية لأيّ دولةٍ هو «زيادة أمنها وازدهارها من دون إلحاق الكثير من الضرر بقيمها السياسية المُعلَنة»، مثلما يقول ستيفن وولت. للجزائر قيّمٌ صريحةٌ راسخةٌ في سياستها الخارجية منحتها سُمعةً إقليميةً ودوليةً رائدةً منذ الإستقلال، عليها أن تحرص على عدم الإضرار بها أثناء سعيها لتعزيز أمنها القومي في زمن الاضطراب والاستقطاب والغموض الاستراتيجي الدولي.

من المؤكّد أنّ الجزائر قد تمكّنت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من تأكيد وجودها ومكانتها الإقليمية، فسياستها الصارمة مؤخّرًا تُثبت بما لا يدعُ مجالاً للشكّ قدرة الدولة على الدفاع عن أمنها ومصالحها القومية حينما يتعرّضان للتجاهل من قِبل الفواعل الأخرى، إلاّ أنّ ذهاب الجزائر بعيدًا في ممارسة سياسةٍ أكثر حزمًا وأقلّ كبحًا خلال المرحلة القادمة قد يعود عليها بنتائج عكسية، لذا فقد آن الأوان للعودة إلى تبنّي سياستها المترويّة المألوفة، أيْ تبنّي سياسة خارجية أكثر كبحًا وتحوّطًا وارتباطًا بخطابها التاريخي المعياري. قد يُوّفر كتاب جوزيف ناي الأخير عن “الأخلاق والسياسة الخارجية” دليلاً “معياريًا-واقعيًا” مُرشدًا من الناحية النظرية لكيفية تحقيق الدول لذلك التوازن الحذر بين «سعيها لزيادة أمنها وازدهارها وعدم الإضرار بقيمها السياسية المُعلنة»، لكن من دون أن يعني ذلك طبعًا الإدعاء بقدرة المبادئ الأخلاقية والقيم على تجاوز الضغوطات الناتجة عن القوة والمصلحة والبنية الفوضوية للنظام الدولي. إنّ القول بذلك لا يُعدُّ سوى «فنتازيا سياسية»، لا علاقة لها بالواقعية السياسية على حدّ تعبير إيما أشفورد، «فالواقعية في السياسة الخارجية عادةً ما كانت خيارًا بين أهون الشرور»، إذ لا تتغاضى الواقعية السياسية عن المُثل السياسية والمبادئ الأخلاقية «لكنّها تُحسن التمييز بشكلٍ صارمٍ بين المرغوب فيه والممكن»، مثلما كتب رائد المدرسة الواقعية هانز مورغانثو ذات يوم. 

 

خلال المرحلة القادمة، على الجزائر أن تُذكّر الجيران بسياستها التقليدية الراسخة في تجاوز الأزمات عبر تغليب وسائل الدبلوماسية والحوار، وبأنّ ما بدا لبعضهم مؤخّرًا بأنّه تبنّي لمقاربةٍ حازمةٍ جديدةٍ وأقل ضبطًا للنفس في سياستها الخارجية لم يكن سوى ردّ فعلٍ حتميٍ ومؤقّتٍ على بيئةٍ مضطربةٍ تمّ فيها تجاهل مصالح الجزائر وأمنها بشكلٍ غير مسبوق. رَدُ فعلٍ قابلٍ للتراجع بتراجع أسبابه المباشرة. كما سيكون على الجزائر أن تؤكّد بأنّها ستظلّ فاعلاً مساهمًا في إستقرار المنطقة مثلما كانت دومًا، ونموذجًا للسياسة الواقعية وضبط النفس وتغليب الوسائل الدبلوماسية في علاقاتها مع الآخرين. سيُمهّد ذلك الطريق أمام تعزيز علاقات الثقة مع دول شمال المتوسّط أيضا، خاصّةً إسبانيا، نظرًا لارتباط الموقف التصعيدي للجزائر تُجاهها مؤخّرًا بمشكلات شمال إفريقيا لا أكثر.

 

تحتاج الجزائر إلى مواصلة سياسة التحوّط والتوازن الحذر التّي تبنّتها بنجاحٍ في سياستها الخارجية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حينما تمكّنت، بعد عقدٍ من العزلة الدولية بسبب حقبة الإرهاب الداخلي، من إرساء شراكةٍ إستراتيجيةٍ مع الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الأوروبيّين سعيًا لتنويع الشركاء وتحقيق التوازن الإستراتيجي، بعدما كانت جلّ علاقاتها الاستراتيجية مرتكزةً على نحوٍ عميقٍ على الشريكين الروسي والصيني فحسب، بحكم الروابط والسياقات التاريخية التّي تطوّرت فيها الدولة.

كما تحتاج، توازيًا مع ذلك، للاستثمار في المصادر الكامنة لقوتّها الناعمة بغرض زيادة تأثيرها في جوارها الإقليمي وتشكيله وفقًا لمصالحها العليا من دون أن تكون مضطرةً للتصادم مع فواعل هذا الإقليم أو مضطرةً لإظهار سلوكات أقلّ ضبطًا للنفس، مثلما حاججتُ بذلك في ورقة سابقة.

 

إنّه لمن الصعب حقيقةً بالنسبة للدول المتوسّطة أو الصغيرة الالتزام بسياسةٍ أكثر كبحًا وتحوّطًا، لاسيما في أزمنة الأزمات والاستقطاب الدولي الحادّ، مثلما نبّه إلى ذلك عالِم السياسية روبرت جيرفيس، خصوصًا بالنسبة للدول المتموضعة جغرافيًا بين القوى الكبرى المتنافسة، كأوكرانيا أو بيلاروسيا أو ألمانيا أو فيتنام. إلاّ أنّ التموضع الجغرافي للجزائر البعيد نسبيًا عن نقاط التماس المباشر بين القوى العظمى المتنافسة يساعدها على الاستمرار في تبنّي سياسة كبحٍ وتحوّطٍ أكثر نجاحًا مقارنةً بغيرها. إنّ مواصلة الجزائر لسياسة التحوّط والحذر الاستراتيجي تعني متابعة كبحٍ أكبر وإلتزامِ حيادٍ إستراتيجيٍ أكبر قد يُنجيها من عاصفةٍ مُتجمّعةٍ تتشكّل حولها في بيئةٍ دولية أمنيةٍ خطرة، يُميّزها اللايقين الإستراتيجي.

 

 

المراجع:

 

العربية:

“بسبب الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية تجاه الجزائر رئيس الجمهورية يأمر بوقف العلاقة التجارية مع الديوان المغربي للكهرباء والماء”. بيان رئاسيالموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. 31/ 10/2021، في: https://bit.ly/3frQUwF

خَشِّيبْ، جلال. “عاصفةٌ مُتجمّعة: تحوّلاتٌ بنيوية ونهاية الجغرافيا العربية: نحو تفكير جغرافي محضّ قائم على الكتل الإقليمية”. المعهد المصري للدراسات. 7/12/2020. في: https://bit.ly/3DqC7KP

خَشِّيبْ، جلال. “قوة إقليمية مُعطّلة: سياسةٌ خارجيةٌ جزائريةٌ كلاسيكية في عالمٍ متغيّر: تأمّلات نقديّة في ضوء مقاربة القوة الناعمة”. مجلّة تجسيير لدراسات العلوم الإنسانية والإجتماعية البينيّة بمركز إبن خلدون للعلوم الإنسانية والإجتماعية وجامعة قطر. المجلّد 4. العدد 1. (2022).

خَشِّيبْ، جلال. “لماذا تتسلّح الجزائر عسكريًا؟ رؤية جزائرية“. المعهد المصري للدراسات. 25/6/2019. في: https://bit.ly/3FwhRtZ

خَشِّيبْ، جلال. “هل للقيم أهمية تُذكَر؟ الرؤساء والسياسة الخارجية من روزفلت إلى ترامب“. مجلّة سياسات عربية-المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. العدد 46. (2020).

“رئيس الجمهورية يشارك في افتتاح أشغال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي”، الموقع الرسمي للرئاسة الجزائرية، 16/06/2023، في: https://2h.ae/VSeu

 

الأجنبية:

 

Abdelkader Abderrahmane, “If well managed, Italy and Algeria could build a strong and viable geo-economic bridge between both shores of the Med”, the Atlantic Council, 10/02/2023, at: https://2h.ae/wvQO

“Algeria and France Agree to Open a New Page in Relations. Anadolu Agency. 26/8/2022. at: https://bit.ly/3NiURAt

Algeria: Haftar “’Did Not’ Take Control of Border Crossing”, Middle East Monitor, June 22, 2021, at: https://bit.ly/3KbJMQz

“Algeria ends diplomatic ties with Morocco citing ‘hostile acts”, RFI 25/08/2021, at: https://2h.ae/ZvlE

Andrew G. Farrand, “Algeria has been Isolated for Years. Now it’s Making a Shaky Return to the World Stage”, Atlantic Council, 29/06/ 2022, at: https://2h.ae/zgFw

Arslan Chikhaoui, “The non-alignment paradigm of Algeria’s foreign policy”, Institute of New Europe, 11/07/2022, at: https://2h.ae/SjiI

Ashford, Emma. “In Praise of Lesser Evils: Can Realism Repair Foreign Policy?”Foreign Affairs9/ 2022. at: https://fam.ag/3WgCKz6

Cheng-Chwee Kuik, “Making Sense of Malaysia’s China Policy: Asymmetry, Proximity, and Elite’s Domestic Authority”, The Chinese Journal of International Politics, Vol. 6, (2013), 435-436, at: https://2h.ae/hAjl

Enrique Fernández, “Turkey plans to expand its trade with Algeria”, Atalayar, 12/11/2022, at: https://2h.ae/dCJM

John J. Mearsheimer, “Bound to Fail: The Rise and Fall of the Liberal International Order”, International Security, Spring 2019, athttps://2h.ae/fpgv

Joseph R. Biden, Jr., “Why America Must Lead Again”, Foreign Affairs,

23/01/2020, at: https://2h.ae/rQkq

Khechib, Djallel. “The Guerguerat Crisis: Why Does Algeria Feel the Threat of War,”Afaq DZ Center. 15/2/2021. at: https://bit.ly/3Fwgr2D

Khechib, Djallel. “Why Algeria is Arming Itself Militarily?”, IHH Humanitarian and Social Research Center Humanitarian and Social Research Center-INSAMER. 10/9/2018. at: https://bit.ly/3U8EVD0

Lawson, Fred H. & Legrenzi, Matteo. “Algeria’s Assertive Re-emergence”. Survival: Global Politics and Strategy. Vol 64. Issue 5. (2022). https://bit.ly/3gWRoLQ

Lee, Jeongseok. “Hedging Against Uncertain Future: the Response of East Asian Secondary Powers to Rising China”. The International Political Science Association, XXII World Congress of Political Science-IPSA. 8-12/7/2012. at: https://bit.ly/3DMhytu

Nosmot Gbadamosi, “How Algeria Became Indispensable”, Foreign Policy, 11/01/2023, at: https://2h.ae/ZrfI

Soha Saghir, “Let Them Mediate: Uncovering the Potential of Traditionally Ignored State Mediators”, In Partial Fulfillment of The Requirements for a Bachelor of Arts Degree in Political Science, Department of Political Science, Haverford College, 05/ 2021, P: 66, at: https://2h.ae/ZPhI

“St Petersburg Forum: President Tebboune calls for participative, United Approach to Current Challenges”, Algeria Press Service, 17/06/ 2023, at: https://2h.ae/KjNp

“Rep. Lisa McClain Leads Colleagues in Demanding Sanctions on Algeria for Purchase of Russian Weapons”. Press Releases. The Website of Congresswoman Lisa McClain for Michigan. 29/9/2022. at: https://bit.ly/3gZbHs4

Posen, Barry R, “Restraint: A New Foundation for U.S. Grand Strategy”. Ithaca, NY: Cornell University Press, 2014.

Quincy Institute for Responsible Statecraft at: https://2h.ae/qPRF

Walt, Stephen. “The Gold Medal for Foreign Policy Goes to Germany”. Foreign Policy7/2/2022. at: https://bit.ly/3FvP74k

Walt, Stephen. “Restraint Isn’t Isolationism—and It Won’t Endanger America”, Foreign Policy, 22 July 2019, at: https://2h.ae/FFlb

Walt, Stephen. “A Manifesto for Restrainers”, Quincy Institute for Responsible Statecraft, 4/12/2019, at: https://2h.ae/ifFa

Walter Russell Mead, “Book Review: Foreign Policy Begins at Home: The Case for Putting America’s House in Order”, Foreign Affairs, 21/08/2013, at: https://2h.ae/XcZh

“What sparked the latest crisis between France and Algeria?” Deccan Herald, 03/10/2021, at: https://2h.ae/bUfj

جلال خَشِّيبْ، باحث رئيس بمركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية (CIGA) التابع لجامعة إسطنبول صباح الدّين زعيم بتركيا. تهتّم أعماله البحثية بمجال الجيوبوليتيك، نظريات العلاقات الدولية، سياسات القوى العظمى، جيوبولتيك أوراسيا وبحر الصين الجنوبي وشمال إفريقيا، السياسة الخارجية التركية والسياسة الخارجية الجزائرية. له العديد من الكتب والدراسات والترجمات والملخصّات الأكاديمية المنشورة بالعربية والإنجليزية، من مؤلّفاته كتاب: “النظام الدولي الليبرالي: جون ميرشايمر في مواجهة جون آيكينبري-صعودٌ أم سقوط؟” (2021)، وكتاب: “أثر التحوّلات الطارئة في بنية النظام الدولي على التوجّهات الكبرى للسياسة الخارجية التركية” (2017)، وكتاب: “آفاق الانتقال الديمقراطي في روسيا” (2015).

صفحة الباحث في موقع أصوات نقدية- مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية CIGA:

https://cigacriticalvoices.com/ar/جلال-خشيب/ 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *