شروق مستور

مراجعات نقدية/ نوفمبر 2023

“Israeli National Security Doctrine”: A Critical Review of Yaakov Amidror Article

By: Chourouk Mestour

تزامنًا مع حالة حرب “إسرائيل” العنيفة الحالية على قطاع غزة، يصبح من الضروري فهم العقيدة الأمنية الإسرائيلية ودورها الرئيسي في توجيه سياسات “إسرائيل” تجاه الداخل الفلسطيني وحتّى إقليميًا، حيث تعمل “إسرائيل” من منطلقٍ أمنيٍ في مختلف جوانب حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتأثّر قراراتها بشكلٍ كبيرٍ بمفهوم الأمن الخاصّ بها. استنادًا إلى ذلك، يعمل فهذا المقال على تسليط الضوء بدايةً على مفهوم العقيدة الأمنية الإسرائيلية، والتركيز على مكوناتها وأهم مبادئها التّي تميّزها عن سائر الفواعل في المنطقة. بعدها سيضطلع المقال بتقديم نظرةٍ نقديةٍ للعقيدة الأمنية الإسرائيلية من خلال مراجعة وتحليل مقال يعقوب أميدرور (Yaakov Amidror)، مستشار الأمن القومي ورئيس مجلس الأمن القومي سابقًا لرئيس الوزراء نتنياهو، الذّي استعرض فيه أهم مكونات هذه العقيدة ومدى تأثيرها على السياسة الإسرائيلية محليًا وإقليميا.

 

ما هو مفهوم العقيدة الأمنية؟

العقيدة الأمنية هي مجموعة من الأفكار والمبادئ المتعلقة بتحقيق الأمن الوطني. حيث يعتبر الأمن الوطني أمرًا مهمًا بالنسبة لكلّ الدول، وهو في العقيدة الأمنية مقياسٌ للنجاح في السياسات، وهو البداية والنهاية للحياة السياسية ذاتها.

على الرغم من التعاريف المتنوعة للعقيدة الأمنية، يمكننا بإيجاز أن نصفها على أنّها مجموعة من الآراء والمبادئ والمعتقدات والمفاهيم المتعلّقة بالأمن التّي تحدّد لكلّ دولةٍ مفهومها الخاصّ للأمن بناءً على تصوّرها وإدراكها الخاصّ لأعدائها وحلفائها، وكذا كيفية معالجة التهديدات والتحديات الأمنية، كما تشمل الاستراتيجيات اللازمة للتصدي للتهديدات ذات الطبيعة السياسية والعسكرية والاقتصادية، أو حتّى الهوياتية.

 

مفهوم العقيدة الأمنية “الإسرائيلية”:

التعريف الأبرز والشامل للعقيدة الأمنية الإسرائيلية يتمثّل في كونها مجموعة من المفاهيم والمنطلقات السياسية والأمنية الخاصّة التي تأسّس من خلالها كيان “الدولة الاسرائيلية العبرية”، حيث تتحكّم هذه المنطلقات الفكرية في سلوكها الداخلي والخارجي.

وقد تمّ صياغة عقيدة الأمن الوطني التقليدية “لإسرائيل” خلال الخمسينيات من القرن الماضي. وبحسب الجنرال إسرائيل تال: «عبر السنوات، قمنا بإجراء بعض التحسينات هنا وهناك، قمنا بإصلاحات وتطويرات، ولكن الأسس المحورية للعقيدة ظلّت كما هي.» وتستند هذه العقيدة إلى افتراضات أساسية، حيث يُعتقد أنّ الدولة تواجه تهديدًا قائمًا على وجودها، وأنّ هناك تفوقًا واضحًا لصالح الدول العربية من حيث المساحة والسكان والقاعدة الاقتصادية والدعم السياسي والعسكري والقدرة على حسم النزاع بشكلٍ قاطع. وكان لدى “إسرائيل” اعتقاد بعدم وجود حلفاء يمكن الاعتماد عليهم.

يمكننا تلخيص أبرز منطلقات العقيدة الأمنية الإسرائيلية في النقاط التالية:

الموقع الجغرافي والحدود: يعتبر التوسع من القضايا المحورية في الأجندات السياسية الاسرائيلية وهو من الأولويات الاستراتيجية، وفي الفكر الاسرائيلي يُعتبر شرطًا للبقاء، كما هو شرطُ ضمان الأمن، حيث يقوم الامن الإسرائيلي أساسًا على سياسة القوة، وتحقيق ذلك يتّم عن طريق التوسّع والانتشار.

شنُّ حروبٍ قصيرةٍ لتحقيق أهداف محدودة: استراتيجية الحرب القصيرة تتيح “لإسرائيل” إنهاء النزاع دون الحاجة إلى طلب إمداداتٍ طارئةٍ من راعي أجنبي ما، وبالتالي تعريض استقلالها الاستراتيجي أو التكتيكي للمخاطر والتهديدات. يرجع ذلك أيضا لعدم توفّر قاعدةٍ صناعيةٍ عسكريةٍ ضخمة، بالإضافة إلى أنّ “إسرائيل” تهدف إلى تحقيق مسعى رئيسي وهو “قبول جيرانها العرب” من خلال التأثير التراكمي لانتصارات الساحة المحدودة والواضحة التّي قد تقنع في نهاية المطاف أعداءها بعدم جدوى محاولات القضاء عليها في الحرب.

 الدفاع الاستراتيجي، الهجوم التكتيكي: عقيدة جيش الاحتلال الإسرائيلي على المستوى الاستراتيجي هي عقيدةٌ دفاعية، لكن على الرغم من الاستراتيجية الدفاعية، إلاّ أنّ الجيش الإسرائيلي يعتمد تكتيكاتٍ هجوميةٍ في معظم الحالات على المستوى التكتيكي.

النوعية مقابل الكميّة: تستخدم “إسرائيل” المزايا النوعية في استراتيجيتها العسكرية، حيث تعتمد على تعبئة الموارد البشرية والمالية والتكنولوجيا والتدريب المهني والكفاءة التنظيمية لتحقيق التفوّق النوعي. على سبيل المثال، تقليل التفوّق العددي لأعدائها (العرب) من خلال نظام الاحتياطيات العسكرية. الاحتياطيات تعزّز من تأهّب “إسرائيل” العسكري وتتضمن هيكلًا من ثلاثة مستويات، بما في ذلك جيشٌ محترفٌ وجيش مجنّدٌ جاهزٌ للعمل الفوري.    

 تستمد “إسرائيل” أفكارها وتوجّهاتها من مجموعة من الأطروحات الدينية المحرّفة. بدايةً من الكتابات المحرّفة في التوراة في بابل خلال القرن الخامس قبل الميلاد وما بعده. إلاّ أنّ نخبها لم يكتفِ بالتوراة بل ألّفوا أيضًا التلمود، وهو مجموعة من القواعد التّي تشرح التوراة. ويحتوي التلمود على أفكارٍ عنصريةٍ تعاملت مع الناس على أنهم «عبيد وحيوانات في خدمتهم»، ومنحتهم هذه النصوص الدينيّة «الحقّ في جميع الخيرات التّي وهبها الربّ لهم». وكانت تلك النصوص تسمح بممارسة النفاق ضدّ اليهود. يُزعم أنّ هذه النصوص انعزلت عن المجال السياسي، ولكن في الواقع قدّمت له دفعة ورسمت مسار السياسة التوسعيّة الإسرائيلية منذ زمن.

 حسب هذه العقيدة الأمنية فإنّ استمرار أمن “إسرائيل” لا يدوم إلاّ إذا استمر الأمن القومي العربي معرّضًا للخطر، وهكذا فإنّ العلاقة بين الأمن القومي العربي  والوجود “الإسرائيلي” تدخل في إطار السياسة الصفرية، حيث أنّ تحقّق أيّ منهما يعني نفي الأخر وإلغاءه. وتتكّون هذه العقيدة من القوة الشاملة والعامل السياسي والعامل الديمغرافي والقوة العسكرية والتحالف الاستراتيجي والاستمرار في احتلال المزيد من الأراضي العربية. تعود نشأة العقيدة الاسرائيلية إلى أوائل خمسينيات القرن العشرين، وكان أول من وضع أُسسها هو دافييد بن غوريون، رئيس أول حكومة إسرائيلية وكان وزير الدفاع فيها أيضًا.

 

عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي (يعقوب أميدرور):

في شهر جويلية/ يوليو سنة 2021، كتب يعقوب أميدرور (Yaakov Amidror) مستشار الأمن القومي ورئيس مجلس الأمن القومي سابقًا لرئيس الوزراء نتنياهو، دراسة تحت عنوان عقيدة الامن القومي الإسرائيلي نُشرت في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، وهو مؤسّسة تقدّم المشورة لقادة “إسرائيل” في المسائل الدفاعية والدبلوماسية.

تضمنّت الدراسة سبعة محاورٍ وهي: مذهب الأمن الوطني “لإسرائيل”، الحقائق الأساسية لوضع الأمن في “إسرائيل”، المبادئ والملاحظات التوجيهية التّي تُوجّه مفهوم الأمن الوطني، المدى الزمني للعمليات العسكرية، السياسة والحرب، جوانب التحالف، ومسألة الحدود الشرقية. تُعتبر هذه الدراسة، حسب تعبير أميدرور، ورقة تلخيصية تستعرض ما يعتبره “مفهوم الأمن الوطني لدولة إسرائيل” في السنوات الأخيرة. تعود جذور هذا المفهوم إلى الفترة التّي أعقبت انتهاء ما يسميه الإسرائيليين “حرب الاستقلال الإسرائيلية” (أي حرب فلسطين أو “النكبة”، والتّي شاركت فيها خمس دول عربية وهي: مصر وسوريا والأردن ولبنان والعراق بهدف منع قيام “دولة إسرائيل” على أراضي فلسطين التاريخية. استمرت العمليات العسكرية حتّى شهر يناير سنة 1949، ثمّ تمكّنت القوات الإسرائيلية من السيطرة على ميدان العمليات. أكدّت الحرب تقسيم فلسطين وأسفرت عن نزوح أكثر من 400 ألف فلسطيني من منازلهم.)

يُجادل أميدرور في مقاله أنّ “الكيان الإسرائيلي” غالبًا ما يفتقر إلى مفهومٍ شاملٍ أو عقيدةٍ للأمن القومي، وهذا ما يؤدّي إلى اتّخاذ بعض صناع السياسات لقراراتٍ متسرّعة وغير متناسبة مع احتياجات الكيان على المدى البعيد. يشير الكاتب إلى أنّه في معظم الدول الغربية يُعتبر من الضروري أن يُجهّز أيّ صانع قرار في بداية فترة حكمه وثيقةً توجيهيةً تعكس الاستراتيجية الأمنية الشاملة، مثلما يحدث في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، تُلزَم الإدارة الأمريكية بموجب القانون بنشر الوثيقة الرسمية لاستراتيجية الأمن القومي بعد توقيعها من قِبل الرئيس.

تارخيًا، كانت أول ورقة كُتبت في “إسرائيل” حول الاستراتيجية أو العقيدة الأمنية الشاملة من طرف بن غريون في سنة 1953، ومنذ ذلك الوقت لم يتّم كتابة أيّ ورقة رسمية في الكيان. مع ذلك يؤكّد الكاتب وجود مجموعة محاولاتٍ سابقةٍ لوضع استراتيجيةٍ أو عقيدةٍ دفاعيةٍ أمنية من طرف صنّاع القرار المتداولين على السلطة، من بينها ما يسمى عقيدة ناتنياهو الأمنية الدفاعية التّي كان لها تأثيرٌ كبير في الواقع، لكنّها لم تحضَ كغيرها من الوثائق بالصفة الرسمية سياسيًا من طرف الكيان.

يُعرَّف “مفهوم الأمن الوطني” بكونه ليس “وصفةً” للتصدّي للتحدّيات العَرَضِية، كما أنّه ليس نصًّا مقدّسًا يوفّر حلولاً رسمية. إنّه صياغةٌ “للمبادئ الأولى” التّي يمكن أن تساعد في التفكير فحسب، لا سيما في التخطيط الطويل الأجل، وفي تحديد الأولويات وتخصيص الموارد، ولا يُفترض منه تحديد كيفية معالجة أزماتٍ محدّدة. حسب اعتقاد الكاتب فإنّه على الرغم من عدم امتلاك الكيان لوثيقةٍ مدونة رسمية تحت إسم “عقيدة/مذهب” أو “وثيقة استراتيجية”، إلاّ أنّه يمتلك عقيدةً معلنةً أو شفوية. يستشهد الكاتب هنا بالجانب الديني حيث قال: «أقصد هنا بمفهوم الشفوية أنّها عقيدة تقليدية ومقبولة، كما هو الحال في النصوص التفسيرية “الشفوية” للتقاليد اليهودية». وبمعنى أدّق تعني “الشفوية” المعلومات أو الأفكار التّي تنتقل من جيل إلى جيل على نحوٍ شفهي من دون أن تكون مكتوبة. في هذا السياق، يشير الكاتب إلى أنّ العقيدة الأمنية انتقلت عبر الممارسة والخطابات بنفس طريقة التقاليد والتفسيرات الدينية في التقاليد اليهودية التّي تحظى بالاعتراف والقبول كمصادر معترفٍ بها غير مدونة.

بالتالي، يُمكننا القول بأنّ الطريقة التّي يتّم بها تسيير السياسات والاستراتيجيات دون وثائق مكتوبة وعقائد محدّدة ليست أمرًا غريبًا، إذْ أنّ هذا الكيان نشأ من الأصل على أساس ادّعاءات مزيفةٍ موجودةٍ في الأطروحة التوراتية، تلك الأطروحة التي قامت بتلخيص فلسطين باسم “أرض الميعاد” للاشارة إلى “إسرائيل”، وأثبتت بشكلٍ مزيّفٍ، دون الاعتماد على وثائق مكتوبة، أنّها ليست وطنًا فلسطينيًا خاصًا بالسكّان الأصليين، بل تصوّرها كأرضٍ خاليةٍ جرداء. وإذا تمّت الاشارة إلى الشعب الفلسطيني عن طريق الصدفة، فسيتّم اعتباره شعبًا مجهولًا إلى حدٍّ كبير، ليس له وجودٌ ملموس. بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، لا تتعلّق المسألة بالشعب نفسه بقدر ما تتعلّق بالتاريخ والأساطير الدينية الخاصّة بهم. ببساطة، التاريخ الفلسطيني بالنسبة لهم غير موجود، أو على الأقل ليس له أهمية مقارنة بالتاريخ الإسرائيلي.

يتابع أميدرور حديثه عن مجموعة الحقائق الأساسية للحالة الأمنية في “الكيان الإسرائيلي” أو التهديدات الأمنية التّي تمسّ الكيان، حسب اعتقاده:

  1. الحجم الضئيل لسكان “إسرائيل”، حيث توجد فجوة صاخبة بين حجم سكانها المقيمين وحجم سكان البلدان المجاورة لها. يضيف الكاتب أنّ هذا العدد الضئيل سيجعل “إسرائيل” أضعف دومًا في ظلّ وجود عدد سكانٍ كبيرٍ في الدول المحيطة بها والتّي تعتبرها دولاً عدوّة، وبالتالي ستبقى دولةً صغيرةً تقف وحدها في المحافل الدولية، كالأمم المتحدة، ودولةً يهودية تواجه مجموعةً عربية مؤلّفة من 22 دولة ومجموعة إسلامية مكوّنة من 57 عضوًا.
  2. لن يستطيع الكيان أن يصل أبدًا الى انتصارٍ حاسمٍ في أيّ صدامٍ أو حرب، وهذا يعني أنّ أيّ انتصارٍ في أيّ حربٍ لن يضمن نهائيًا عدم مواجهة “إسرائيل” لتهديدات تمّس وجودها مرّة أخرى، وهذا ما يجعل الكيان يُكّرر دومًا التخطيط لحربٍ قادمة بعد نهاية أيّ حرب، حتّى ولو في فترة السلام.
  3. المساحة الضيقة للكيان سببٌ في كثيرٍ من الأزمات من حيث الاستراتيجية الأمنية، فالحماية تصبح أصعب في هذا الوضع. يؤكّد الكاتب وجود كثيرٍ من المبادئ والملاحظات التّي تُوجِّه وتُحدّد مفهوم الأمن القومي في “إسرائيل” انطلاقًا من طبيعة المجتمع اليهودي والتجارب السابقة لليهود من «تاريخهم الطويل»، وفقًا لتعبيره، وهذه المبادئ تُشكّل عقيدة استراتيجيةٍ عمليّة، ولكن ليست مكتوبة.

أهم نقطة في “العقيدة الاسرائيلية العبرية” تتمثّل في بذلِ الكيان كلَّ جهدٍ ممكنٍ لتعزيز قدرته على الدفاع عن نفسه بنفسه. ولا يمكنه ولا يجب عليه أن يعتمد على الآخرين لخوض حروبه.

 

علاوةً على ذلك، حدّد الباحث قوة المؤسّسة العسكرية الاسرائيلية في عدّة نقاط، من بينها:  

  1. حيازته على قوةٍ جويّةٍ حديثة تُمكّن من العمل لمسافات طويلة في الشرق الأوسط.
  2. حيازته لقواتٍ بحريةٍ صغيرة، لكنّها متطورة للغاية، تُمكّنه من العمل عبر حوض البحر الأبيض المتوسّط بأكمله على السطح وأعماقه.

من أبرز النقاط الأخرى التّي تعتمد عليها “إسرائيل” في بناء استراتيجيتها هي استغلال الفرص، يقول أميدرور: «ينبغي لإسرائيل أيضًا أن تُبقي عينيْها مفتوحة أمام الفرص التّي قد تنشأ، لاسيما في أوقات التغيّرات الكبرى أو الأزمات العميقة… للاستفادة من هذه الحالات، حتّى وإن لم يكن هناك ضمانٌ للنجاح.»

يعتمدُ التخطيط الإستراتيجي للأمن القومي الإسرائيلي على المستوى الإقليمي دائمًا على فكرةٍ مفادها أنّ الكيان يعيش في حالة «حربٍ نائمة»، أيْ أنّه في حالة استنفارٍ دائمٍ لحربٍ محتملة، وبالتالي فإنّ الاستعداد لاستغلال الفرص حاضرٌ دومًا. ويؤكد الكاتب أنّ إسرائيل على استعدادٍ دائمٍ لتُواجه، بل لتخوض الحرب ضدّ الذّين يحاولون تغيير توازن القوى الحالي بطريقة تضّر بآفاق بقاء “إسرائيل”.

إذا ركزنا على النقطتين الأخيرتين، نجد أنّ الفرصة الحالية بالنسبة “لإسرائيل” تكمن في الدعم غير المشروط الذّي تتلّقاه من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من كلّ التجاوزات التّي قامت بها، فإن الدعم ما زال مستمرًا على الصعيدين العسكري والسياسي. وبالتالي، يعتزم الكيان الصهيوني استغلال هذه الفرصة لتحقيق أقصى مكاسبه وتكبيد المقاومة أكبر خسائر ممكنةٍ بالمقابل.

بالإضافة إلى ذلك، يُلاحَظ أنّ السردية الغربية تُعامل المقاومة على أنّها جماعةٌ إرهابية، وهذا يدعم توجّه “إسرائيل” نحو التصعيد وبذل كلّ الجهود للتخلص من حماس والتخلّص ممّا يعتبرونه خطرًا يهدّد الدولة الصهيونية في منطقة غزة. تبرز هذه الفكرة في المقال أيضًا، حيث يذكر يعقوب أميدرور أنّه استنادًا إلى تجارب السنوات الأخيرة (وفترات النزاع السابقة)، من الواضح أنّ “إسرائيل” لا يمكن أن تأمل في انجاز غزوٍ شبيهٍ “بغزو برلين”، أيْ إلحاق هزيمةٍ بالعدو كالهزيمة التّي مُنيت بها ألمانيا النازية في العام 1945، بالتالي فإنّ أحد الأهداف المتعلّقة بأيّ جولةٍ من جولات الحرب يتمثّل في إنهائها بطريقة تؤخّر موعد الجولة القادمة من القتال لأقصى حدّ ممكن. يمكن تحقيق ذلك إذا فهم العدو وجوب توقّع ضربةِ ألمٍ أكبر بكثير في جولةٍ مستقبلية قادمة، نظرًا للأذى الواضح الذّي يتعرّض له خلال القتال.

هكذا، يَعتبر الكيان الصهيوني المقاومة تهديدًا كبيرًا، إذا تمكّنت من تحقيق نجاحٍ بارز. ومع مرور الوقت شهدنا تطورًا استراتيجيًا وتحسينًا في أساليب المواجهة لدى عناصر المقاومة، كما زادت الأخيرة قدرتها على التسلّل والنفوذ داخل الأراضي الفلسطينية المحتّلة بطرقٍ لم تكن ممكنةً في السابق. هذا التطور الكبير يثير قلق “إسرائيل”، إذْ تُعتبر كلُّ معركةٍ للمقاومة مصدرًا لاكتساب الخبرة وزيادة الكفاءة في مواجهة الاحتلال. في عام 2021، أصبحت معركة سرايا القدس حديث الجميع، حيث أظهرت تقدّمًا في استراتيجية المقاومة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت عملية طوفان الأقصى قوةً هائلة وتأثيرًا كبيرًا، بل وتمّ الحديث عنها باعتبارها حربًا، لا مجرّد معركةِ مقاومة. يتخوّف الكيان الصهيوني من هذا التطوّر الحاصل في صفوف المقاومة، حيث يُدرك أنّ كلّ معركةٍ تمثّل خطوةً إيجابية نحو تحقيق الأهداف الفلسطينية وتقدّمًا نحو انهيار الكيان الصهيوني.

يجادل الكاتب في مقاله بأنّ “إسرائيل” لا تستهدف البنية التحتية للمدنيّين عن قصد، وهو مفهوم يتناقض مع سجلّها العدواني في غزّة على أرض الواقع، حيث تشير الخسائر البشرية والمادية إلى أنّ القتل والدمار هما جزءٌ من سياستها الأساسية، على الرغم من هذه الادعاءات الزائفة. من ناحية أخرى، يقترح أميدرور بأنّه إذا دعت الضرورة يمكن للكيان الصهيوني أن يقرّر استهداف البنية التحتية كجزءٍ من استراتيجية التثبيط. وهذا يَظهر بشكلٍ واضحٍ في المجازر التّي تَحدُثُ في غزّة، حيث يتّم استخدامها كوسيلة للضغط على المقاومة واضعافها نفسيًا واقتصاديًا.

أشار الكاتب أيضًا إلى نقطةٍ أخرى مهمّة متعلّقة بالمدى الزمني للعمليات العسكرية. يعتقد البعض بشكلٍ شائعٍ أنّ “إسرائيل” يجب أن تشنّ حروبًا قصيرة لتجنّب الأثر السلبي للحرب على اقتصادها، ولضمان سرعة إعادة تجنيد الاحتياط. مع ذلك، يجب إعادة النظر في هذا الافتراض. في الوقت الحالي تُعتبر “إسرائيل” الدولة الأقوى.

بالنسبة ليعقوب أميدرور، فإنّ أفضل استراتيجية للتغلّب على العدو تكمن في أن يقوم الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى بتنفيذ عمليةٍ بريّةٍ ضخمةٍ وقويّةٍ وسريعة، تهدف إلى تدمير قوات العدو والاستيلاء على الأراضي المحدّدة في الخطّة العملياتية. أمّا المرحلة التالية فتشمل الانتقال بطريقةٍ منهجيةٍ ومخطّطة مسبقًا مع القوات النظامية للجيش الإسرائيلي (من دون الاعتماد الكبير على الاحتياط) إلى بذل مجهودٍ طويلٍ لتدمير بنية العدو وقتل أولئك الذّين يعملون لصالحه أو اعتقالهم.

 

عمليّة طوفان الأقصى، العقيدة الأمنية “لإسرائيل” وقدراتها الدفاعية:

بعد عملية السابع من أكتوبر 2023، طُرحت أسئلةٌ من قبيل: هل يُعتبر الاجتياح البرّي استراتيجيةً ضروريةً ستضطلع “إسرائيل” بتنفيذها فعلاً، أم أنّه مجرّد تهديدٍ من طرفها لا غير؟ يبدو بعد مرور وقت من عملية طوفان الأقصى أنّ حكومة ناتنياهو كانت تُخطّط جدّيًا لهذا الاجتياح.

بدايةً وفيما يتعلّق بالجانب الاستخباراتي والتخطيط المسبق، شهدنا في معركة طوفان الأقصى فشل الكيان الصهيوني في الحصول على معلومات كافية حول الهجوم المحتمل من قبل المقاومة، أو عدم قدرته بشكلٍ صحيح على تقدير قوة معركة طوفان الأقصى. ولكنّ الحديث عن غزو بري لغزة يختلف عن أيّ عملية بريّة أخرى، إذْ يُعتبر قطاع غزة واحدًا من المناطق التّي يفتقر الكيان الصهيوني إلى معلوماتٍ كافيةٍ بخصوصها، لاسيما عن توزيع قوات المقاومة فيها ومواقع تمركزها. بالإضافة إلى ذلك، تجهل “إسرائيل” الأمور المحتملة التّي قد تفاجئها من جانب حماس. ولذلك، من الممكن أن يؤدّي الاجتياح البرّي إلى فشلٍ استراتيجيٍ وفضيحة استراتيجية للكيان الصهيوني.

أمّا القول بأنّ الكيان الصهيوني هو الطرف الأقوى في المعركة، فهو أمرٌ لا يرجع لقوتّه الذاتية، بل بسبب اعتماده بدلاً من ذلك على الدعم الغربي والأمريكي خصوصًا، وهذا ما شهدناه في ظلّ الهجومات التّي شنّتها المقاومة، حيث كانت جميع القدرات العسكرية التّي تمّ الترويج لها من طرف تل أبيب غير كافية، فلجأت الأخيرة إلى الولايات المتحدة. وحتّى الآن نشهد استمرار استقبالها للدعم العسكري بالأسلحة من بريطانيا والولايات المتحدة.

تُوضّح تقاريرٌ رسميةٌ وإعلامية تجهيز الولايات المتحدة لحليفها الاسرائيلي بطائرات من طراز A-10 و F-15 وF-16 ،  بالإضافة الى ذخائر لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي  المعروف بـ “القبة الحديدية”، بالإضافة الى صواريخ وقنابل من نوع “هالبر” و BLU-113 و BLU-109.

كما قدّمت الولايات المتحدة دعمها العسكري المباشر بسرعة من خلال إعادة تموضع “مجموعة الناقلات الضاربة” (حاملة الطائرات الهجومية) “يو إس إس فورد” (USS Ford) من غرب البحر الأبيض المتوسط إلى مكانٍ أقرب من المياه الإقليمية التّي تحتّلها وتسيطر عليها “إسرائيل”. “يو إس إس فورد” هي حاملة الطائرات الأمريكية الأحدث والأكثر تقدّمًا والأكبر في العالم. وقد دخلت “مجموعة الناقلات الضاربة” إلى البحر الأبيض المتوسط في شهر يونيو، وتضّم طرّادة صواريخ موجّهة من فئة “تيكونديروغا” (Ticonderoga) وأربع مدمّرات صواريخ موجهة من فئة “أرلي بيركي” (Arleigh Burke).

ختم يعقوب أميدرور مقاله بالحديث عن “خاصيّة عدم الثبات” في العقيدة الأمنية لدولة “إسرائيل”، فهي تتكيّف مع المتغيرات الإقليمية، كما أنّ حربها مع حماس وحزب الله تختلف عن الحرب المحتملة مع قوات أكبر، حيث ذكر أنّه في حالة حدوث تغيير يعيد الخطر العسكري “الكلاسيكي” الذّي يتضّمن نشر قوات جيش كبيرة على حدود “إسرائيل”، سيتطلّب ذلك متابعة أولويات دفاعٍ مختلفة وهيكل قوات مختلف لجيش الدفاع الإسرائيلي. يجب التفكير (وربّما اتخاذ بعض الإجراءات) حول هذا الاحتمال حتّى اليوم.

بالإضافة الى ما سبق، يتحّدث الكاتب عن “المجتمع الإسرائيلي” وأهميّته في التأثير على العقيدة الأمنية لدولة “إسرائيل”، كالخدمة العسكرية الإجبارية، حيث يشارك معظم الشبان والشابات في الخدمة العسكرية كجزءٍ من واجبهم الوطني. هذا النظام يختلف عن العديد من الدول الأخرى التّي تعتمد على الخدمة العسكرية الاختيارية أو المهنية. تضمن هذه الخدمة الإلزامية خضوع مجموعةٍ كبيرةٍ من الشباب الإسرائيليين للتدريب والتحفيز من أجل المشاركة في الخدمة الوطنية، وهذا يختلف عن الوضع السائد في العديد من البلدان الأخرى. كما يتّم توجيه الشباب الإسرائيلي نحو التخصّصات التكنولوجية والعلمية والفكرية خلال خدمتهم العسكرية، وهو ما يعني اكتسابهم معرفةً تقنيةً عاليةً ومهارات تفكيرٍ تكنولوجي أثناء خدمتهم في الجيش، كما يدفعهم ذلك لاحقًا نحو التمكّن من التكنولوجيا والابتكار وتوظيف معرفتهم في هذا المجال بعد انتهاء خدمتهم العسكرية.

هذه الفكرة التّي طرحها أميدرور تتناقض مع ما ذكره سابقًا حول قدرة الكيان الصهيوني على شنّ حربٍ طويلة الأمد ـوأنّه بات أقوى في الوقت الحالي. باختصار، يعمل الكيان الصهيوني على تجنيد وتدريب جميع المواطنين، ممّا يجعلهم جزءًا من الجيش ومستعدين للمشاركة في الحروب. وفي الوقت نفسه، يشكّلون جزءًا هامًا من القطاع الاقتصادي. لذا، فأيُّ ضررٍ يلحق بالجيش الإسرائيلي سيتسبّب في حدوث ضررٍ مباشرٍ للكيان من الناحية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

 

العنصر البشري وحدود قوة “إسرائيل”:

تُظهر المؤشرات السابقة أنّ العنصر البشري يُعتَبر واحدًا من أهمّ المحدّدات لقوة الكيان الصهيوني من الناحيتين العسكرية والتكنولوجية. وبالرغم من محاولة الكيان تجاهل الأسرى في قطاع غزّة واستمرار عمليات القصف دون التوجّه للاهتمام بالأضرار التّي قد تتكبّدها، فإنّ هذا الأمر يشكّل نقطةً محوريةً تزيد من ضعف الصهاينة وتجعلهم يشعرون بالقلق تجاه النقاط التّي أعدّتها حماس للاستخدام في المفاوضات من أجل الافراج عن الأسرى “الإسرائيليّين”. على الرغم من الدعم الكبير وغير المشروط الذي يتلّقاه الكيان الصهيوني حاليًا، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى استمرار هذا الدعم. قد نشهد مستقبلاً احتجاجاتٍ تطالب الحكومة الإسرائيلية بتحمّل المسؤولية عن أيّ أضرارٍ تصيب الأسرى، وقد تطالب بإطلاق سراحهم فورًا مهما كانت المطالب الفلسطينية.

 

في الختام يمكننا القول أنّ “عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي” لا تنطبق عليها المفاهيم التقليدية للأمن القومي، المتمثّلة في البقاء وحماية مصالح الدولة ومواجهة التهديدات الخارجية فقط، “فإسرائيل” وبحكم قيامها على أساس عامل القوة على حساب الفلسطينيين تَعتَبر التهديد صفة دائمة لوجودها. فرغم الاعتراف بها كدولة من طرف “المجتمع الدولي” ورغم توقيع اتفاقات أوسلو مع السلطة الفلسطينية، بقيت الاعتبارات الأمنية هي التّي تحكم علاقات “إسرائيل” بمختلف الدول. فالجنرال “الإسرائيلي” يسرائيل تال فى كتابه «الأمن القومي- قلة مقابل كثرة» يعرّف الأمن بكونه: «ضمان وجود الأمة والدفاع عن مصالحها»، هذا التعريف يوضح المفهوم المختلف الذّي تعتمده إسرائيل في بناء سياستها تجاه الفواعل الدولية. هذا التوجّه يعتمد على الفكرة الرئيسية التي تقول إنّ إسرائيل تبني وتنفّذ سياستها بناءً على فكرة البقاء المرتبطة بالخوف الإسرائيلي الدائم. في هذا السياق، الخوف الإسرائيلي يشير إلى حالة القلق والشكّ التّي تعيشها “إسرائيل” تجاه التهديدات والتحدّيات الأمنية المستمرة التّي تواجهها في منطقة الشرق الأوسط.

 

المراجع:

ملاحظة: لا يعترف الكاتب ولا منصّة أصوات نقدية بما يُسمّى “دولة إسرائيل”، لذا يتّم ذِكرها هنا مرفوقةً بشولتين لتأكيد التحفّظ على الاسم، كما يعتمد هذا المقال على بعض المراجع الإسرائيلية نظرًا لطبيعة النصّ الذّي يُعتبر مراجعةً لدراسة كُتبت من طرف أحد نخب الكيان الصهيوني. لا يُعتبر ذلك اعترافًا من الكاتب ولا من منصّة أصوات نقدية بالجامعات أو المراكز البحثية الموجودة في الكيان.

Dan Horowitz, The Israeli Concept of National Security, (The Middle East, 1983), p 15.

 

Dan Meridor and Ron Eldadi, Israel’s National Security Doctrine: The Report of the Committee on the Formulation of the National Security Doctrine, Institute for National Security Studies, No. 187, February 2019.

 

Yaakov Amidror, Israel’s National Security Doctrine, the Jerusalem Institute for Strategy and Security, publication date 18 july 2021.

 

אלוף (מיל’) ישראל (“טליק”) טל – אבי טנק המרכבה , yadlashiryon, in https://shorturl.at/gsLY3

أحمد الدبش، أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، في موقع العربي الجديد، تاريخ النشر 28 مايو 2023، تاريخ الإطلاع 18 أكتوبر 2023.

أنطوان شلحت، بنيامين نتنياهو ومبدأ ”رعاية قوة إسرائيل”، “مجلة الدراسات الفلسطينية“، العدد 125، 2021.

جلال خَشِّيبْ، ما وراء عمليّة “طوفان الأقصى”: قراءةٌ في السياقات والمآلات، أصوات نقدية-مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية، تاريخ النشر 16 أكتوبر2023، تاريخ الإطلاع 18 أكتوبر 2023 https://shorturl.at/asuPU

حسن سلمان خليفة البيضاني، الحروب اللاتماثلية وتوازن القوى – سيف القدس انموذجا، “مجلة حمورابي للدراسات”، العدد 39، 2021.

عملية “طوفان الأقصى”: انهيار الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه غزة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تاريخ النشر 12 أكتوبر 2023، تاريخ الاطلاع 08 نوفمبر 2023.

غرانت روملي، الدعم الأمريكي لإسرائيل في زمن الحرب: الخطوات الأولى والاعتبارات المستقبلية، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 13 أكتوبر 2023 https://bit.ly/3tF6rA2

ماهر الشريف، العقيدة الأمنية الإسرائيلية وحروب إسرائيل في العقد الأخير، في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، تاريخ النشر 18. اوت 2015.

محمد عبد السلام، الحروب العربية الإسرائيلية، في موقع الجزيرة، تاريخ النشر 3 أكتوبر 2004، تاريخ الاطلاع 08 نوفمبر 2023، https://shorturl.at/akLU8

مهند النداوي، إسرائيل في حوض النيل دراسة في الإستراتيجية الاسرائيلية، (القاهرة: دار العربي للنشر والتوزيع، ط1، 2013) ص14.

ناجي شراب،” تحولات نظرية الأمن الإسرائيلي”، في صحيفة الخليج، تاريخ النشر 8 يونيو 2021، تاريخ الاطلاع 19 أكتوبر 2023. https://bit.ly/3QnNcnn

هاني فهاد الكعيبر، الفكر السياسي الصهيوني وأثره على الصراع العربي الاسرائيلي، رسالة للحصول على درجة ماجيستر، (جامعة الشرق الاوسط، كلية العلوم السياسية، الفصل الدراسي 2012/2013)، الأردن، ص 24.

شروق مستور:

طالبة دكتوراه وباحثة في مجال العلاقات الدولية في الجزائر. تتركّز اهتماماتها البحثية بشكلٍ أساسي على دراسات الأمن والاستراتيجية، مع اهتمامٍ خاصٍّ بالشؤون الافريقية لاسيما منطقة شمال إفريقيا ونظريات العلاقات الدولية والدراسات ما بعد الكولونيالية. تشمل مساهماتها البحثية مجموعةً متنوعةً من الأعمال، منها مقالاتٌ باللغة العربية ومراجعاتٌ للكتب واستعراضٌ لأوراقٍ البحث وأعمالُ ترجمةٍ بين اللغتين العربية والإنجليزية. تظهر مساهماتها في مجموعة متنوعة من المجلات والمعاهد البحثية والمنصات الإلكترونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *